القرد اللص


بقلم: محمد سعيد المولوي
رسومات: George Pontino, Jr

جرتْ عادةُ بعضِ الناسِ على تربيةِ بعضِ الحيواناتِ في بيوتِهم كالهررِ والكلابِ والعصافيرِ. وقد حدثني أحدُ الأصدقاءِ أنه جاءتْه هديةٌ «نسناسٌ صغيرٌ» فرحبَ بها، وقالَ يتسلى به الأولادُ لما للقردةِ من ألعابٍ مضحكةٍ وطريفةٍ. فوضعه على الشرفةِ وراحَ يقدمُ له الطعامَ والشرابَ والفاكهةَ، وبخاصةٍ الموزُ. وكان بين شرفةِ بيتِ الصديقِ وشرفةِ بيتِ جارِه أنبوبٌ من الحديدِ يوصلُ ماءَ الشرفةِ إلى المجاري. وكان هذا أمرًا طبيعيًا في نظامِ البناءِ. وقد لاحظَ صاحبُ البيتِ أشياءً غريبةً في مطبخهِ، فمرةً يجدُ طبقَ طعامٍ غريبًا، وتارةً يجدُ حلةَ طعامٍ لم يشترِها، وطورًا يجدُ كأسًا لم يرَها من قبلُ، وسلالاً ما أحضرَها. فسألَ زوجتَه عنها فقالتْ لا أعرفُها. فوقعَ في حيرةٍ. وبعدَ بضعةِ أيامِ راقبَ القردَ فوجدَه يتسلقُ العمودَ، وبعد حينٍ رجعَ وبيدِه إبريقٌ للشاي، فأدركَ أن ما وجدَه في البيتِ إنما كانَ من بيتِ الجيرانِ سرقهُ القردُ. فأخذَ المسروقاتِ وذهبَ بها إلى بيتِ الجارِ، وسلمَ عليه واستأذنَه بالدخولِ إلى بيتهِ، فدخلَ والجارُ ينظرُ إلى ما في يدِه، فنظرَ إلى المنضدةِ، فرأى ساعتَه ومحفظةَ نقودِه وقلمَه، فضحكَ وقالَ للجارِ: هذه الحاجاتُ لابدَّ أنها لكمْ.. وأشارَ إلى ما في يدِه. فأجابَ الجارُ: نعمْ، ونحنُ نفتقدُها منذ فترةٍ ثم أردفَ: وهذه الساعةُ وهذا القلمُ وهذه المحفظةُ لابدَّ أنها لكَ. فقالَ: نعمْ، وأنا أبحثُ عنها، ولكن قلْ لي: كيفَ وصلتْ حاجاتُنَا إليكم ووصلتْ ساعتُك إلينا؟ فأجابَ صاحبُ القردِ: القضيةُ مضحكةٌ، فلقدْ أهدِيَ إليَّ نسناسٌ فوضعتُه في الشرفةِ، وتبيَن لي أنه كانَ يتسلقُ عمودًا فيسرقُ من عندِكم. فقالَ الجارُ: ويسرقُ لنا من عندِكم أيضًا. فاعتذرَ إليه صاحبُ القردِ، ورجعَ إلى البيتِ مسرعًا، فوضعَ القردَ في الكيسِ، ومضى به إلى من أهدَاهُ إياهُ، وقالَ له: خذْ هديتكَ مشكورًا، فربما كُنَّا بسببِها سنصبحُ لصوصًا وندخلُ السجنَ.